ظواهر غريبة يصعب تفسيرها: رحلة رجال الدين الغامضة في مطارات سوريا
ظواهر غريبة يصعب
تفسيرها: رحلة رجال الدين الغامضة في مطارات سوريا
مقدمة:
في زوايا التاريخ
السياسي الحديث لسوريا، تختبئ أحداث يصعب تفسيرها إلا بقراءة ما بين السطور. منها
ما يُروى همسًا في المقاهي أو يُتناقل كحكاية ليلية في مجالس العسكريين القدامى.
هذا التحقيق يستند إلى شهادة حقيقية لمهندس طيران سوري شهد واقعة غير عادية في أحد
مطارات البلاد خلال ثمانينات القرن الماضي، حيث تداخل الديني مع الأمني، وظهر ما
قد يشير إلى طقوس غامضة تجمع بين الطوائف السرية تحت جناح طائرة واحدة.
الفصل الأول: مهندس
الطائرات الذي رأى أكثر مما ينبغي
هذه القصة حقيقية
وقعت في سوريا خلال ثمانينات القرن الماضي.
نظراً لحساسية
الوقائع وتداخلها مع شخصيات وأحداث سياسية وأمنية، أفضّل عدم ذكر الاسم الحقيقي
لبطل القصة، وسأستخدم بدلاً من ذلك اسمًا مستعارًا: "المهندس أحمد صبحي".
من هو المهندس أحمد
صبحي؟
شاب سوري طموح،
عُرف بتفوقه الأكاديمي، خصوصًا في المواد العلمية. حصل على مجموع مرتفع في الشهادة
الثانوية أهّله لنيل منحة دراسية من الدولة لدراسة هندسة الطيران في ألمانيا
الشرقية آنذاك، المعروفة باسم "جمهورية ألمانيا الديمقراطية (DDR)".
خلال سنوات دراسته،
تخصص في مجال ميكانيكا الطائرات وصيانتها وعمرتها، ودرس اللغة الألمانية بطلاقة،
مما ساعده لاحقًا في التواصل مع الطواقم الأجنبية ومتابعة أحدث التقنيات في مجال
الطيران.
بعد عودته إلى
سوريا، بدأ العمل في عدة مطارات موزّعة على مختلف مناطق القطر، وشيئًا فشيئًا
اكتسب سمعة مهنية ممتازة جعلته محلّ ثقة في الأوساط الفنية للطيران المدني.
وفي إحدى المرات،
أثناء عمله في مطار القامشلي، الواقع في منطقة الجزيرة (المعروفة تاريخيًا باسم
بلاد ما بين النهرين)، لفت انتباهه حدثٌ غريب ظلّ يتكرر بشكل سنوي منتظم.
ففي كل عام، ما بين
شهري شباط وآذار (فبراير–مارس) – (احفظ هذا التوقيت جيدًا) – كانت تصل إلى المطار
حافلة تقلّ عددًا من رجال الدين الإيزيديين، وهي طائفة باطنية قديمة تُحيط بها
الكثير من الأساطير والرموز الغامضة. كانوا يرتدون ملابس طقسية مميزة، ويوحون
بهيبة صامتة ومظهر مهيب يثير التساؤلات.
وبعد وقت قصير من
وصولهم، كانت تهبط في المطار طائرة خاصة، مجهولة الوجهة، لا تحمل أي شعارات رسمية
أو خطوط طيران معروفة. يُسمح فقط لرجال الدين الإيزيديين بالصعود إلى متنها، ثم
تُغلق الأبواب وتقلع الطائرة نحو جهة لم يُفصح عنها، ولا يعرفها أحد من العاملين،
بمن فيهم الفنيون وموظفو برج المراقبة.
في البداية، افترض
المهندس أحمد أن هؤلاء يؤدّون طقوس الحج الخاصة بهم إلى معبد لالش، وهو المركز
الديني الأهم للطائفة الإيزيدية، الواقع شمال العراق. لكن ما أربكه حينها أن
العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والعراق كانت مقطوعة بالكامل في عهد الرئيس حافظ
الأسد، وكانت الحدود مغلقة بإحكام، مما يجعل السفر الرسمي إلى العراق أمرًا
مستحيلًا، أو على الأقل يستلزم تنسيقًا على أعلى مستوى.
هذا التناقض أثار
فضول المهندس أحمد، وفتح في ذهنه تساؤلات كثيرة:
هل هذه الرحلات
دينية فعلًا، أم أن وراءها بعدًا آخر غير معلن؟
لماذا تتم في هذا
الوقت من العام تحديدًا؟
ومن هي الجهة التي
تسيّر هذه الطائرة؟
ولماذا كل هذا
التكتم؟
لم يجد يومها
جوابًا، لكن تلك المشاهد انغرست في ذاكرته، كأنها علامة استفهام تنتظر يومًا ما من
يجرؤ على كشف أسرارها.
بعد عدّة سنوات،
نُقل المهندس أحمد صبحي إلى العمل في مطار اللاذقية الدولي، الواقع على الساحل
السوري. هذا المطار لم يكن كغيره من مطارات البلاد؛ بل كان يُعامل كمنشأة شبه
سيادية، يُدار بسرية مطلقة، وكأنّه الملعب الخاص لعائلة الأسد.
كان العاملون في
المطار يعرفون، دون أن يتحدثوا، أنّ حركة الطيران فيه لا تخضع للمراقبة الروتينية
أو لإجراءات التفتيش التقليدية. طائرات خاصة تهبط وتُقلع دون المرور على الجمارك
أو الأمن، وحمولات تُنقل بعيدًا عن العيون. شيئًا فشيئًا، بدأ أحمد يلاحظ أن هذا
المطار يُستخدم كمنفذ لتهريب أشياء لا يُفترض أن تُنقل عبر مؤسسة رسمية.
بحسب ما رآه بعينه،
وما سمعه همسًا من زملائه، كانت تصل إلى المطار شحنات غريبة تتكرر أنماطها:
كميات من الحبوب
المخدّرة وحبوب الهلوسة، يتم تفريغها من صناديق غير موسومة، وتُنقل إلى سيارات
خاصة تابعة للحرس الجمهوري أو ما شابه.
سجائر مهرّبة
بكميات كبيرة، لا تُعرض في الأسواق السورية، وربما كانت تُعاد تصديرها إلى الخارج.
أسلحة فردية
وخفيفة، لا تدخل في سياق عسكري معروف.
ومرّات نادرة، كان
يتم إنزال أو تحميل نساء أوروبيات أو روسيات الملامح، في رحلات غير مدرجة على
جداول الطيران، يُقال إنّهن "ضيوف خاصات" لحفلات مجون و بغاء تُقام في
فيلات سرّية تابعة لأبناء حافظ الأسد أو أقاربه.
كانت تلك الحفلات
توصف في أوساط العاملين، همسًا لا جهرًا، بأنّها "ليالٍ حمراء" تشمل كل
أنواع الترف المنحرف الذي لا يجرؤ أحد على مساءلة أصحابه، لأنّهم ببساطة فوق
الدولة، وفوق القانون.
أدرك أحمد حينها أن
ما يجري أمامه ليس فقط فسادًا إداريًا أو تجاوزًا فرديًا، بل نموذج لنظام كامل
بُني على الولاء الشخصي والتعتيم والابتزاز والسيطرة المطلقة.
هذه التجربة، مع ما
سبقها من مشاهد في مطار القامشلي، جعلت أحمد يشعر بأنه يعيش وسط شبكة غامضة، أكبر
من الدولة وأقوى من القانون، تتحرك خلف الواجهة، وتستخدم كل شيء – من الدين إلى
الطيران إلى التهريب – لخدمة أجندات خفية لا يعلمها إلا من هم داخل الدائرة.
طائرة الغامضة في
مطار اللاذقية:
في إحدى الليالي،
وكان ذلك في نهاية شتاء إحدى السنوات في الثمانينات — بين شهر شباط و آذار — كان
المهندس أحمد صبحي يؤدي نوبة عمل ليلية في مطار اللاذقية. الجو بارد، والمطار هادئ
على غير العادة. جلس في مكتبه يحتسي الشاي، يقلب بعض الأوراق، حين دُفع الباب فجأة
دون طرق، ودخل عليه ثلاثة رجال بلباس مدني، بملامح صارمة ولهجة علوية واضحة.
– "إنت المهندس أحمد؟"
– أجاب بخفوت وقلق: "نعم، أنا هو."
– "قوم وَلِّي معنا!"
– "حاضر، سيدي..."
كلمة
"وَلِّي" لم تكن مجرّد أمر، بل كانت إهانة ضمنية. لم يناقشهم، يعرف
القواعد غير المكتوبة في دولة يحكمها الخوف والتراتبية الطائفية. خرج معهم صامتًا.
اقتادوه إلى ركن جانبي مظلم من المطار. لم تكن الأضواء الاعتيادية مُشعلة، فقط بعض
الأضواء الخافتة التي تُضفي على المكان طابعًا سريا غامضًا.
رجال أمن ومخابرات
يتوزعون في الأرجاء بصمت ثقيل، وكأنهم بانتظار مشهد لا يجوز لأحد أن يشهده.
في نهاية المسار،
ظهرت طائرة ، متصلة بـ عربة جرّ الطائرات – إشارة على أنها تُعاني من عطل
ميكانيكي. اقترب أحد رجال الأمن منه وقال:
– "الطيّار عم يقول في مشكلة... بس ما فهمنا عليه."
– "ليش؟ شو بيحكي؟"
– "إنجليزي يمكن، أو شي لغة تانية."
اقترب أحمد بحذر من
الطيّار، وبدأ الحديث معه. تبيّن له أن الرجل يتحدّث الألمانية، لكن بلهجة سويسرية
تعود إلى واحدة من الكانتونات المتعددة في سويسرا
حيث تختلف اللغة والنطق بشكل كبير (سويسرا مقسمة الى عدة كونتونات, كل
كونتون يتحدث لغة خاصة فيه: الالمانيا, الفرنسية, الايطالية و اللغة الرومانشية و
التي هي شبيها بالاتينية الخ). لحسن الحظ،
أحمد الذي درس في ألمانيا الشرقية كان يتقن الألمانية بطلاقة، فاستطاع أن يفهم.
كانت المشكلة تقنية
بسيطة في ضغط المقصورة، وتمكّن من تحديدها بسرعة.
لكن ما أثار فضوله
أكثر من العطل نفسه، كان الطابع غير الاعتيادي للطائرة. لم تكن مسجّلة ضمن الرحلات
النظامية، والطائرة تحمل إشارات أوروبية خاصة. وعندما حاول إلقاء نظرة عابرة إلى
الداخل، لاحظ حركة خافتة خلف الستائر المغلقة.
في داخله، بدأ
يتساءل:
هل تحمل هذه
الطائرة مخدرات؟ أسلحة؟ أم شيئًا آخر؟
لكنه لم يُرِد أن
يواجه، فقط راقب... وتمهّل... وبدأ يُماطل في فحص العطل متعمدًا، لعله يلمح شيئًا.
بحكم خبرته السابقة
في المطار، حيث رأى مرارًا شحنات غير قانونية تمر من دون مساءلة، كان يشك أن
الطائرة تحمل نساءً أوروبيات جميلات، لا مخدرات هذه المرة. فالأسد وعائلته، كما
قال زملاؤه، لا يخجلون من تهريب السلاح والمخدرات في وضح النهار، ولا أحد يجرؤ على
اعتراضهم.
هذه الرحلة، على
خلاف المعتاد، تمت بسرية مريبة في جوف الليل، مما جعله يرجّح أنها محملة
بـ"ضيوف خاصين" لحفلات خاصة في الساحل، من تلك التي لا تُذكر في
الإعلام، ولا تُسجّل في تقارير الدولة.
وهو في الثلاثين من
عمره، لم يخلُ فضوله من تلك "الحشرية" الشابة. أراد أن يعرف. أن يرى.
لكنّه كان يعلم أن أي خطوة زائدة قد تكلّفه حياته.
-رجال دين يدخلون من مدخل خاص:
لكنَّ المفاجأة
الحقيقية لم تكن في الطائرة نفسها، بل فيما بدأ يحدث بعد لحظات من وصولها.
إذ بدأت باصات
سياحية تدخل إلى المطار الواحد تلو الآخر، بمعدل باص كل عشر دقائق تقريبًا. ما
أثار الريبة أن هذه الباصات لم تستخدم المدخل الرئيسي للمطار، بل دخلت من ممر
جانبي معزول، لا يُستخدم عادةً إلا في عمليات الشحن الخاص أو زيارات كبار الشخصيات.
لفتت أنظار المهندس
أحمد اللافتات الموضوعة على واجهات الباصات:
– "السلمية" – المدينة المعروفة بأنها معقل الطائفة الإسماعيلية.
– "القرداحة" – مسقط رأس عائلة الأسد وقلعة الطائفة العلويا النصيرية.
– "السويداء" – معقل الدروز في جنوب سوريا.
– بالإضافة إلى أسماء قرى وبلدات نائية لا تُذكر عادة في رحلات كهذه.
بدأ الركاب بالنزول
من هذه الحافلات، وكانوا جميعًا رجال دين:
بعضهم يرتدي
العمائم السوداء، آخرون بعباءات حريرية داكنة، ووجوهٌ مألوفة من شاشات التلفزة
الدينية.
كان بينهم رجال دين
من العلويين النصيريين، الإسماعيليين، الدروز، بل وحتى حاخامات يهو د سوريين —
وجميعهم يتوجّهون مباشرة إلى الطائرة السويسرية، التي كانت لا تزال في طور الفحص.
وقف المهندس أحمد
مذهولًا وهو يُراقب المشهد من بعيد، متظاهرًا بالانشغال الفني.
ثم جاءت الصدمة
الأكبر...
طائرة ثانية اقتربت
ببطء من المدرج، على غير موعد. استطاع المهندس أحمد أن يتعرف على الطائرة و انها
أنها قادمة من مطار القامشلي، على بعد أكثر من ألف كيلومتر إلى الشمال الشرقي.
(هي نفس الطائرة التي تقل رجال الدين الايزيدين من مطار القامشلي الى
الوجهة المجهولة و التي تبين فيما بعد انها مطار اللاذقية الدولي)
ما إن توقّفت
الطائرة، حتى بدأ الركاب بالنزول، وهم ليسوا سوى رجال دين من الطائفة الإيزيدية –
نفس الوجوه التي اعتاد رؤيتها سنويًا في مطار القامشلي خلال شهري شباط وآذار، حين
كانوا يُقلَعون إلى جهة مجهولة.
أعادته الذاكرة إلى
تلك السنوات، حين كان يظن أن هؤلاء يتوجّهون إلى لالش، المعبد الإيزيدي المقدّس في
العراق، رغم أن الحدود مع العراق كانت مغلقة بالكامل والعلاقات مقطوعة بين دمشق
وبغداد في عهد حافظ الأسد.
لكن الآن، وقد
شاهدهم ينزلون من طائرة قادمة من القامشلي ويصعدون إلى الطائرة السويسرية نفسها
التي امتلأت برجال دين من طوائف باطنية ويهود، بدأ الشك يتحوّل إلى قناعة غامضة:
هذا ليس مؤتمرًا
دينيًا، ولا حوارًا بين الأديان.
بل إن الأمر بدا
أشبه بطقس سري يجمع طوائف مختارة بدقة... طوائف لا تمثّل الإسلام السني أو الشيعي،
ولا المسيحيين بمذاهبهم، بل الديانات والمذاهب الباطنية فقط — تلك التي تتقاطع في
رموزها القديمة وأساطيرها الغامضة.
ملاحظة: الطائفة
العلويا النصيرية في سوريا لا علاقة لها بالطائفة الشيعية ابداَ.
راجع بحث كتبته عن
الطوائف العلوية:
https://absoltruth.blogspot.com/2025/06/blog-post_10.html
لم يكن بين الحضور
أي رجل دين سنّي أو شيعي أو مسيحي، ما ألغى تمامًا فرضية "مؤتمر
الأديان" من رأسه.
وفي داخله، بدأ
الخوف يتسلّل.
ما الذي يُحضّر له؟
ومن الجهة التي
نظّمت هذا الاجتماع السري على أرض سوريا، بعيدًا عن أعين الإعلام والدولة الرسمية؟
ولماذا في شهر شباط
أو آذار بالتحديد؟
وهل كان نظام حافظ
الأسد مجرد راعٍ لوجستي؟ أم طرفًا فاعلًا في هذا الطقس الغامض؟
اريد اضافة و تعديل
على النص:
ظهور مفاجئ لشخصية
سياسية بارزة للغاية:
بعد أن أنهى
المهندس أحمد عمله بدقّة وصمت، عاد إلى الطيار ليبلّغه بأنّ العطل قد تم إصلاحه،
ويمكن للطائرة أن تقلع في أي وقت.
لكن لم تمر سوى
دقائق، حتى بدأ ضجيج غريب يقترب من ساحة الطائرات.
أكثر من عشر سيارات
رباعية الدفع سوداء اللون اندفعت إلى موقع الطائرة بسرعة منسّقة، كل واحدة منها
محاطة برجال مدججين بالسلاح، ويخاطبون بعضهم بإشارات لا يفهمها إلّا مدرّبو
العمليات الخاصة.
في مقدّمة الموكب،
كانت سيارة ضخمة فارهة سوداء، أمريكية الصنع.
كان مشهدها كافيًا
لزرع الرعب في النفوس.
المهندس أحمد لم
يكن بحاجة إلى كثير من التفكير...
"إنها ليست لأي وزير... ولا لأي قائد عسكري."
هذا المستوى من
الحراسة والتكتم لا يحصل في سوريا إلا عند حضور شخص واحد فقط...
لكن قبل أن يتمكّن
من متابعة الموقف، شعر بيدين قويتين تمسكان بذراعيه بقوة.
– "يلا قوم! ولى معنا"، قالها عنصر الأمن بلهجة علوية جافة.
– "حاضر سيدي..." ردّ أحمد بصوت خافت، يخفي توترًا داخليًا عارمًا.
اقتادوه بسرعة إلى
مكتبه داخل المطار، وكأنّ وجوده في موقع الطائرة أصبح غير مرغوب فيه تمامًا.
وأثناء سيرهم، سمع
صوت محركات الطائرة السويسرية تعلو وتدور بعنف.
التفت بعفوية من
خلف كتفه، فرأى الطائرة بالفعل تتحرك ببطء نحو المدرج... تستعد للإقلاع.
– "هل صعدت تلك الشخصية السياسية الكبيرة إلى الطائرة؟"
– "هل كان كل ما حدث الآن مجرد مقدمة لرحلة سرية لا يعرف عنها أحد شيئًا؟"
راح أحمد يربط
النقاط في ذهنه بسرعة...
السيارة الرئيسية
في الموكب كانت من نفس الطراز الذي قرأ عنه في تحقيق أمريكي سابق عن موكب الرئيس
حافظ الأسد — سيارة أمريكية مصفّحة مضادة للرصاص والمتفجرات، مصنوعة خصيصًا في
مصانع تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
(CIA)، وهي نسخة نادرة لا تُمنح
إلا لحلفاء استراتيجيين.
الرئيس حافظ الأسد؟!
هل كان هو من ركب
الطائرة؟
هل شارك بنفسه في
هذا التجمع الطقوسي الغامض الذي جمع رجال دين من طوائف باطنية ويهود وإيزيديين و
دروز؟
أم أنه جاء
للإشراف، للمباركة، أم للقاء شخصية قادمة من الخارج لا يمكن الوثوق بها دون ظهوره
الشخصي؟
كل الاحتمالات بقيت
مفتوحة...
لكن شيئًا واحدًا
كان واضحًا: ما جرى في تلك الليلة لم يكن عابرًا، ولم يكن سريًا فقط، بل ربما كان
أخطر من أن يُكتب أو يُروى.
قصة حوادث المطارات
تعود من جديد...
مرّت الأيام، بل
الأعوام، حتى وصلتُ إلى منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
في تلك الفترة، كنت
أقوم بإعداد بحث ميداني عن الطائفة الإيزيدية في سوريا، وتحديدًا في مدينة
القامشلي الواقعة ضمن منطقة الجزيرة، حيث تُعتبر هذه المدينة أحد أبرز معاقل
الطائفة الإيزيدية داخل القطر السوري.
وبين الأزقة،
وأثناء تجوالي في محيط القرى الإيزيدية، تعرّفتُ على رجل في الاربعينيات من عمره.
شخص هادئ، خجول، لا
يتكلم كثيرًا، لكن في عينيه نظرة قلق مستمر.
سأُطلق عليه اسمًا
مستعارًا: "سمير".
اكتشفت لاحقًا أنه
يعمل موظفًا في مطار القامشلي.
عندما أخبرته بأنني
أكتب بحثًا عن الطائفة الإيزيدية، تغيّرت ملامحه على الفور.
خفض صوته ونظر
حوله، ثم قال:
– "نصيحة مني، لا تُكمل هذا البحث... ولا تخبر أحدًا عنه."
استغربتُ من ردة
فعله، وقلت له:
– "لكنني باحث، لا أكتب شيئًا ضد أحد... أريد فقط أن أفهم."
اقترب مني أكثر
وهمس:
– "في هذا البلد، ليس المطلوب أن تكتب ضد أحد... المطلوب أن لا تكتب أبدًا.
الطوائف الباطنية خط أحمر... وأي شخص يتكلم عن الإيزيديين، أو الإسماعيليين، أو
النصيريين او اليهو د... يُعتبر تلقائيًا مشبوهًا عند الأمن."
وأضاف:
– "الناس هنا لا تعرف، لكن المخابرات تعرف كل شيء. نحن نرى ما لا يراه
الآخرون، لأننا نعمل في المطار."
أحسست ببرودة في
أطرافي...
لكن في الحقيقة،
كنت قد أنهيت أغلب فصول البحث بالفعل.
ولم أكن أنوي
التراجع.
لقائي مع المهندس
أحمد صبحي:
في إحدى السهرات
الطويلة مع "سمير"، وبينما كنا نحتسي الشاي في منزله المتواضع على أطراف
مدينة القامشلي، أخبرني بما قلبَ موازين بحثي تمامًا.
قال لي بنبرة
مترددة:
– "تعرف، عندي زميل قديم... كنا نشتغل سوا بمطار القامشلي. اسمه المهندس
أحمد صبحي."
سألته فورًا:
– "وماذا في ذلك؟"
ابتسم وهو ينظر
بعيدًا وكأنه يسترجع ذكرى مربكة:
– "شاهد أشياء غريبة جدًا في المطار... أمور تتعلق بالطائفة الإيزيدية، نفس
الطائفة اللي حضرتك عم تعمل عنها بحث."
شعرت بأن شيئًا ما
اشتعل بداخلي، وكأن حلقة مفقودة في البحث باتت على وشك أن تُستعاد.
الفضول كاد يقتلني،
ليس فقط بوصفي باحثًا... بل كإنسان يسعى لفهم ما يدور خلف الكواليس، خاصةً عندما
يكون كل شيء مغطى بطبقات من الغموض والخوف.
قلت له:
– "هل يمكن أن ألتقي به؟ أطرح عليه بعض الأسئلة، وأرى إن كانت روايته ستضيف
شيئًا للبحث."
سمير تردد قليلًا،
ثم اتصل, وقال:
– "خليني أحكي معه أول شي... بس أظن حيتحمّس يشوفك."
وبعد مكالمة قصيرة،
أغلق سمير الهاتف وقال بابتسامة مطمئنة:
– "اتفقنا، رح يلتقي فيك. هو متحمّس جدًا يتعرف عليك ويشاركك اللي بيعرفه...
بس في مكان هادئ، وبدون تسجيلات أو أوراق."
هززت رأسي موافقًا،
لكن داخلي كان يغلي بالأسئلة:
من هو هذا المهندس؟
ولماذا الآن؟
وما الذي رآه
تحديدًا؟
كل ما كنت أعرفه هو
أنني على وشك مقابلة رجل، كان شاهدًا على شيء لم يُرد له أن يُروى أبدًا.
لقائي بالمهندس
أحمد في مدينة حلب:
اتفقنا على موعد
للمقابلة. بعد ترتيبات بسيطة، استقللت الحافلة إلى مدينة حلب، حيث يقيم المهندس
أحمد صبحي منذ سنوات.
استقبلني بحرارة
شديدة في بيته بأحد الأحياء الشرقية من المدينة.
كان واضحًا منذ
اللحظة الأولى أنه شخص فضولي إلى درجة قد تصنفها بعض النفوس على أنها "حشرية
مفرطة"، لكنني كنت أراها ميزة ثمينة في رجل مثله، خصوصًا في سياق بحثي الذي
يتطلب الغوص في أعماق المسكوت عنه.
جلسنا في غرفة
مليئة بالكتب والخرائط والدفاتر الهندسية القديمة.
بدأ الحديث بسرعة
وكأنه كان ينتظر هذا اللقاء منذ سنوات.
قال لي بنبرة من
يفرغ حمولته بعد كتمان طويل:
– "أنا حكيتلك ياها عن الطيارات والباصات، بس سؤالي إليك: شو لقيت؟ ليش
الإيزيديين مع العلويين والدروز واليهو د؟ شو الرابط؟ لوين بيروحو؟"
كان جادًا، بل أكثر
من جاد... كان كأنه يتوسل أن يجد جوابًا، حتى لو جاء على هيئة شك.
... وعندما وصل حديثنا إلى تفاصيل تلك الليلة الغامضة في مطار اللاذقية.
سألته إن كان عرف
يومًا وجهة تلك الطائرات؟
استعاد المهندس أحمد مشهداً لم يفارقه منذ
أكثر من عشرين عاماً:
– "تاني يوم حاولت استفسر من الشباب اللي ببرج المراقبة... قلتلهم: يا
جماعة، هاي الطائرات، لوين بتروح ؟ ما في سجل إلها؟"
صمت قليلاً، ثم
أضاف وهو يهز رأسه:
– "تفاجأت... الطيارة ما إلها أي دخول أو خروج بسجلات المطار... كأنها ما
هبطت أصلاً. لا flight number، لا
landing time، لا
وجهة... لا شي."
– "ولا كأنها مرّت من هون... كأنها طيف."
– "كنت اشتغل بالمطار وما كنت بعرف شي! تخيل...
كان صوته يفيض
بالدهشة التي لم تبرُد رغم مرور السنين.
بدأت أدرك أن هذا
الرجل لم يكن مجرد "شاهد عيان"... بل كان شريكًا في طرح الأسئلة الخطرة،
الأسئلة التي يُمنَع طرحها علنًا، والأسئلة التي لا نجد لها إجابة إلا في الأماكن
المظلمة من التاريخ والدولة.
تمعنتُ في وجهه
المتوتر، ثم نظرت إليه بتركيز وقلت بنبرة تحليلية، مستندًا إلى ما جمعته من وثائق
وملاحظات:
– "كل هذه الطوائف التي شاهدت رموزها وقياداتها تتوافد إلى الطائرة الغامضة
في مطار اللاذقية — الإيزيدية، العلوية النصيرية، الدروز، وحتى بعض الطوائف
الإسماعيلية — ليست طوائف إسلامية حقيقية كما يدّعون، بل هي في أصلها طوائف يهودية
باطنية، متخفية، تتلحف برداء الإسلام، تارةً باسم التشيّع، وتارةً باسم التصوف أو
الولاء لآل البيت. لكن حقيقتها مختلفة تمامًا."
نظر إليّ أحمد
بدهشة، وقال مستنكرًا:
– "يعني... كلهم؟ حتى العلويين؟"
أجبته:
– "نعم، كلهم. الطائفة العلوية النصيرية خصوصًا، تُخفي معتقدات تُنكر المعاد
والآخرة كما وردت في الإسلام، وتؤمن بمفاهيم التقمّص والترقّي الروحي التي تشبه
العقائد الكبلائية – حيث تُزعم عودة الأرواح اليهودية إلى أجساد جديدة، ثم ترتقي
عبر حيواتٍ متتالية لتصبح ‘ملائكة علوية’ (من هنا جائت تسمية العلويين)، وفي نهاية
المطاف تتّحد مع الإله، حسب ادّعائهم."
ثم اضفت للمهندس
أحمد، وكأنني أربط له الخيوط الأخيرة في هذا المشهد الغامض:
– "ولهذا بالتحديد، لم يكن ما فعله الرئيس حافظ الأسد مجرد اجتهاد سياسي، بل
كان جزءًا من هندسة ممنهجة لعقيدة الطائفة التي ينتمي إليها. فالرجل – بحكم
انتمائه للطائفة العلويا النصيرية – لم يكن يرى في المقاومة الفلسطينية واللبنانية
إلا خطرًا مزدوجًا: خطرًا على أمن إسرائيل من جهة، وخطرًا على مشروع الطوائف اليهو
دية المتخفية من جهة أخرى."
– "لذلك ضرب حافظ الأسد المقاومة الفلسطينية في تل الزعتر، ولاحق فصائلها في
لبنان، وتآمر على منظمة التحرير، بل منع تمامًا أي عملية فدائية على جبهة الجولان.
الجبهة التي بقيت هادئة بشكل مثير للريبة منذ ان استلم حافظ الاسد وزارة الدفاع
بعد انقلابه على البعثيين عام 1966، حتى باتت تُعرف إعلاميًا بجبهة 'الصمت'."
– "هو لم يكن وحده، بل كان جزءًا من مشروع إقليمي أكبر: إغلاق الجبهات،
تفريغ المقاومة من مضمونها، وتصفية القيادات التي تؤمن بخيار المواجهة، تمهيدًا
لإعادة تشكيل المنطقة وفق العقيدة السرية التي تؤمن بها تلك الطوائف المتحالفة مع
الحاخامية السياسية اليهو دية."
صمت أحمد قليلاً،
فتابعت حديثي:
– "تلك الطائرات الغامضة التي شاهدتها، والتي تقلع ما بين شهري شباط وآذار
(فبراير – مارس)، لا تذهب إلى وجهاتٍ اعتيادية. معظمها يتجه إلى مدينة (بال) في
سويسرا، أو إلى هولندا – التي يُطلق عليها لقب (إسرائيل الغرب) – وأحيانًا تُحط في
مطار سري داخل القدس المحتلة. هناك تُعقد اجتماعات خاصة للغاية."
أحمد بدهشة:
– "اجتماعات؟ شو نوعها؟ دينية؟ سياسية؟ استخباراتية؟"
أجبته بهدوء:
– "كل ما ذكرته معًا. هذه الاجتماعات تُعرف باسم (السنهدريم) – وهو الاسم
القديم للمجلس الأعلى لليهو د. يجتمع فيها قادة الطوائف اليهودية، برئاسة الحاخام
الأكبر، إما في الظروف الطارئة، أو بشكل دوري سنوي، قبيل عيد الفصح اليهو دي الذي
يصادف شهر نيسان (أبريل). لذا تُسافر الوفود بين شهري شباط وآذار للتحضير."
ثم أضفت موضحًا
الغايات الأساسية للاجتماع:
توزيع الأسفار
الجديدة:
يتم تسليم نسخ
جديدة من النصوص التلمودية التي كُتبت أو أُعيدت صياغتها حديثًا – شبيهة
ببروتوكولات حكماء صهيون، والتي جرى اكتشافها في أحد "الجيتوهات" اليهو
دية بروسيا، وليس في فرنسا كما روّج الإعلام اليهودي بهدف التشكيك بصحتها.
التخطيط للمرحلة
القادمة:
وضع الخطط القادمة
للحروب والفتن، وصناعة حركات دينية أو طائفية جديدة، بهدف تفكيك المجتمعات وفساد
"الجويم" – أي غير اليهو د – عقائديًا وسلوكيًا.
عقد محاكمات سرية
لرؤساء وملوك غير يهو د:
كما حدث في
"محاكمة السيد المسيح" 30
ميلادي وفقًا للعيدة اليهو دية، فإن هذا المجلس له صلاحية تنفيذية ضمن إطارهم.
ملاحظة:
كما حصل في امريكا
(محاكمة الرئيس ابراهام لينكون و الرئيس جون كنيدي ثم اغتيالهم) و في العراق في محاكمة الرئيس العراقي صدام
حسين.
فقد أكدت مصادر
موثوقة أن التحقيق الأول، وبعض جلسات المحاكمة، جرت تحت إشراف الحاخام الاكبر
لليهو د وفد من السنهدريم، من غرفة سرية داخل المحكمة، و حضورآية الله خامنئي الذي
يمثل ملك الفرس "قورش"، ومسعود البرزاني الذي يمثل ملك مادي
"داريوش".
حتى تنفيذ حكم
الإعدام، جرى وسط حضور مباشر من تلك الأطراف، بحسب ما ورد في بحثي السابق بعنوان:
التحالف
الإيراني–الكردي–اليهو دي و "أمريكا عصا اليهو د": بين السرية والعلن:
https://absoltruth.blogspot.com/2025/06/blog-post_30.html
وأخيرًا، نظرتُ إلى
المهندس أحمد، وقد ساد بيننا صمت ثقيل كأنَّ الكلمات التي قيلت للتو فتحت أبوابًا
لم يكن يتخيل أنها موجودة أصلًا.
سألته بنبرة جادة،
تكاد تكون أقرب إلى الاتهام منها إلى التساؤل:
– "ألا ترى يا أحمد أن كل هذه الخيوط، من رحلات رجال الدين الغامضة، إلى
تحالفات الطوائف المتخفية، إلى الصمت المريب على الجبهات... تقود إلى هدف واحد؟
ليس فقط تدمير الهويات، بل هندسة أديان جديدة، وصناعة مجتمعات هجينة، تُدار من خلف
الستار؟"
لم يُجب. اكتفى
بالنظر إليَّ بذهول، كمن وقع لتوهِ على خريطة سرية لواقع لم يعُد يشبه شيئًا مما
كان يعرفه.
نهضتُ من مقعدي،
صافحته، وشكرته على ثقته وصراحته.
وانتهى اللقاء...
وتركته غارقًا في دهشته.
الخاتمة:
كم كُنَّا مخدوعين؟
مخدوعين بزيف
الشعارات، وبهيبة الزعماء، وبقدسية الطوائف التي تسلّلت إلى عقولنا تحت أقنعة
دينية ووطنية.
الرئيس حافظ الأسد،
ومن هم على شاكلته، صدَّعوا رؤوسنا بشعارات "المقاومة"،
و"الممانعة"، و"الحرية"، و"الديمقراطية"،
و"الاشتراكية"، و"التعددية"...
لكنّ الواقع كان
نقيضًا تامًا لكل ذلك:
حَكم القُطر السوري
بالحديد والنار.
استبدل الاشتراكية
بالإقطاعية، وجعل من الوطن مزرعة لعائلته.
رفع راية
"المقاومة"، بينما كان مقاومًا لأي مقاومة حقيقية.
"الديمقراطية" و"الحرية" كانت حكرًا عليه وعلى أولاده،
يُمارسون القتل والتعذيب والنهب و الاغتصاب بلا حسيب.
نشر الفساد
والرُّشى والمخدرات في مفاصل الدولة، حتى تحولت مؤسساتها إلى مافيات منظمة.
بثّ الرعب في قلوب
المواطنين، حتى أصبح الخوف هو اللغة اليومية للناس.
أفقر الشعب حتى
الجوع، بينما عاش وأولاده في بحبوحة الترف والبذخ والمليارات.
نهب ثروات سوريا
وأهداها على طبق من ذهب لشركات وبنوك يهودية، تموّل مشاريع السيطرة على المنطقة.
لقد كانت الطوائف
حُجّة، والشعارات ستارًا، والولاء الخفي هو الحقيقة الكبرى التي غابت عنا طويلًا.
التذييل التحليلي:
ما كشفه هذا
التحقيق الميداني، وما سردته الشهادات، لم يكن مجرد رصدٍ لأحداث منعزلة أو ظواهر
طائفية محلية، بل هو خيط في نسيجٍ أكبر من هندسةٍ دينية وسياسية تقف وراءها قوى
عالمية ذات جذور تلمودية باطنية.
الطوائف الباطنية –
من الإيزيدية إلى النصيرية/العلويا، مرورًا بالدروز والإسماعيلية – ليست مجرد
معتقدات دينية غامضة، بل أدوات تحكّم عقائدي وهوياتي، صُممت لتكون جسرًا بين اليهو
دية الباطنية وبين الإسلام الممزّق، تُستخدم لخلق "مجتمعات هجينة" يسهل
قيادتها وتوجيهها من خلف الستار.
"السنهدريم" الذي يجتمع في أشهر محددة من كل عام، ليس هيئة دينية
وحسب، بل هو مركز قيادة استراتيجي يُخطط فيه لتوجيه الأحداث الكبرى في العالم:
حروب، فتن،
اختراقات عقائدية، تصنيع زعامات وهمية، وتمرير مخططات محكمة لتفكيك الهويات
القومية والدينية.
ولم تكن أنظمة الحكم
– كنظام الأسد – بمنأى عن هذه المنظومة، بل كانت جزءًا من اللعبة، تحكم قبضتها
باسم "الوطن"، بينما تفتح أبوابها للنفوذ االيهو دي عبر الاقتصاد،
والمصارف، والطوائف، والأجهزة الأمنية.
لقد آن الأوان أن
نعيد قراءة تاريخنا، لا كضحايا جغرافيا، بل كضحايا مؤامرة دينية/سياسية عابرة
للأزمان والخرائط، عنوانها الأكبر: هندسة العالم الجديد وفق المقاسات اليهو دية
الخفية.
تعليقات