أصل التسميات في بلاد الشام والهوية اليهو دية قبل الميلاد


 



بحث تاريخي: أصل التسميات في بلاد الشام والهوية اليهو دية قبل الميلاد


المقدمة:


تشهد المنطقة المعروفة اليوم بفلسطين وسوريا ولبنان والأردن والعراق وشبه الجزيرة العربية تاريخًا طويلًا من التداخل الحضاري واللغوي بين الشعوب السامية القديمة. ومع ذلك، فإن الرواية التاريخية السائدة حول اليهو د واليهو دية قبل الميلاد تحتاج إلى إعادة تقييم في ضوء الأدلة الأثرية واللغوية المتاحة، والتي تشير إلى غياب أي وجود واضح لليهو دية أو التوراة أو التلمود قبل ميلاد السيد المسيح.

بين الحقيقة الآشورية والادعاءات التوراتية
الفرضية الأساسية للبحث
عدم وجود أدلة أثرية أو نصية على اليهو دية قبل الميلاد:

لا توجد آثار ملموسة تثبت وجود "دين يهو دي" أو "شعب يهو دي" بالمعنى المتعارف عليه قبل ميلاد السيد المسيح، سواء في فلسطين أو شبه الجزيرة العربية أو أي مكان آخر في العالم.

التوراة و الجغرافية:

-الجغرافية للتوراتية مختلفة عن الجغرافية الفلسطينية بنسبة 100%:

ملاحظة: في النص العبري من التوراة لا تقول ان القدس هي اورشاليم.

في سفر المزامير النص "العبري":
يا اورشليم أيتها الشاهقة، العاليه فوق جبل، وتحيط بها قمم الجبال.

"أُورُشَلِيمُ الْجِبَالُ حَوْلَهَا، وَالرَّبُّ حَوْلَ شَعْبِهِ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ." (مز 125: 2).

و الحقيقة الجغرافية لمدينة القدس, لا يوجد جبال في القدس و لا حول القدس.

النصوص المنسوبة إلى التوراة والتلمود ظهرت في فترات متأخرة، ولا يوجد دليل قاطع على كتابتها قبل القرن الأول الميلادي.

أصل تسمية "فلسطين" وتأثير اللغة الآشورية:

كلمة "فلسطين" مشتقة من المصطلح الآشوري "فلستو" أو "بليستو"، والذي يُرجح أنه يشير إلى الأرض الغنية بالطين الصالح لصناعة الفخار.

شعب "الفلستينيين" (أو "بليست") المذكور في بعض النقوش القديم كان يعيش على ارض فلسطين منذو فجر التاريخ، ولم يكن لهم علاقة باليهو دية.

الأسماء الجغرافية في المنطقة ذات أصول آشورية:

جميع المدن الرئيسية في بلاد الشام، بما في ذلك "أور سالم" (القدس)، تحمل أسماءً ذات جذور آشورية، وليس لها علاقة بالهوية اليهو دية على الإطلاق.

مثال واضح هو تحول كلمة "آشوريا (أثوريا)" (إشارة إلى الإمبراطورية الآشورية) بصيغتها المعاصرة الى سوريا و هذا التطورت حصل عبر القرون.

منهجية البحث
يعتمد هذا البحث على:

التحليل اللغوي لأسماء المدن والمناطق لاستخلاص أصولها الحقيقية.

الدراسات الأثرية الحديثة التي تشكك في الرواية التوراتية التقليدية.

المصادر التاريخية غير اليهو دية (مثل النقوش المصرية والآشورية) لتتبع تطور الهويات في المنطقة.

الهدف من البحث
يهدف هذا البحث إلى:

تفنيد الادعاءات القائلة بوجود هوية يهو دية أو توراتية قبل العصر المسيحي.

إبراز الدور الحضاري للشعب الآشورية في تشكيل تاريخ المنطقة.

تقديم رؤية بديلة لتاريخ بلاد الشام بعيدًا عن السرديات الدينية والسياسية المعاصرة.

هيكل البحث
الفصل الأول: غياب الأدلة على اليهو دية قبل الميلاد.

الفصل الثاني: الأصل الآشوري للتسميات الجغرافية في بلاد الشام.

الفصل الثالث: تحليل النقوش والآثار في المنطقة.

الفصل الرابع: تطور الهويات الدينية والسياسية بعد الميلاد.

الخاتمة
من خلال هذا البحث، سنثبت أن الرواية التاريخية التقليدية حول اليهو دية القديمة تحتاج إلى مراجعة جذرية، وأن الهوية الحقيقية للمنطقة تعود إلى الحضارة الآشوريين، وليس إلى أي كيان يهو دي قديم مزعوم.

ثالثًا، تُظهر الأدلة التاريخية والجغرافية أن مناطق مثل لبنان وسيناء وأجزاء من الأردن كانت تُشكّل ما عُرف بالمملكة النبطية أو "مملكة الأنباط"، وهي كيان حضاري مزدهر كان في مرحلة ما جزءًا من الإمبراطورية الآشورية الكبرى.

وقد اتّخذ الأنباط من مدينة "النبطية" الحالية في جنوب لبنان إحدى حواضرهم المهمة ، ويُرجّح أنها كانت عاصمتهم في إحدى مراحل تطور المملكة, ويُعتقد أن هذه المملكة تأسست في القرن الرابع قبل الميلاد، واستمرت إلى حدود عام 107 أو 105 ميلادية، حين تم ضمها إلى الإمبراطورية الرومانية.

بناءً على ذلك، لا وجود تاريخي موثق لما يُسمى بـ"مملكة إسرائيل" أو "مملكة يهوذا" في تلك الحقبة؛ فالأراضي التي يُزعم أنها كانت تحت حكم تلك الممالك التوراتية، كانت في الواقع تحت سيطرة أو تأثير ممالك أخرى حقيقية ومعروفة كالمملكة النبطية، مما يُضعف إلى حدّ كبير الرواية الدينية التي تدّعي وجود مملكة عبرية موحدة أو مستقلة في تلك المناطق.

ملاحظات تاريخية داعمة:
لم يُذكر الأنباط في التوراة رغم قوتهم وانتشارهم، ما يثير تساؤلات حول مدى دقّة الرواية التوراتية في تمثيل الواقع الجغرافي والسياسي القديم.

العاصمة السياسية الأشهر للأنباط لاحقًا كانت "البتراء" في الأردن، لكنها لم تكن الوحيدة، مما يعزز فكرة وجود نفوذ نَبطي واسع جغرافيًا.



رابعًا، ما يُطلق عليه اليوم "اللغة العبرية" ليس سوى لغة مصطنعة، جُمعت في العصر الحديث من مزيج غير متجانس من لهجات و لغات مسروقة أو مقتبسة من لغات أخرى. فقد تم تركيبها من جذور آرامية، وآشورية، وعربية جنوبية، وألفاظ مأخوذة من اللغة الآرامية الغربية، بالإضافة إلى مفردات من اللغات الأوروبية الحديثة (خاصة الألمانية والبولندية) نتيجة الاندماج الطويل لليهو د في مجتمعات الشتات.

والأهم من ذلك، أن ما يُعرف بلهجة "اليَهو د" في عصور الشتات، وخصوصًا في مناطق شرق أوروبا، ليست عبرية نقية بل مزيج من لغات سلافية ويهو دية-جرمانية تُعرف باسم يديش. هذه اللغة ذات طابع غجري واضح، وتتشابه بشكل لافت مع بعض لهجات المجموعات الغجرية التي تعود أصولها إلى شبه القارة الهندية.

-التركيب اللغوي للعبرية التوراتية
تحليل مقارن يظهر أن ما يسمى بالعبرية:
تحتوي على 40% من المفردات الآرامية
30% من المفردات الآشورية-البابلية
20% لغات هندية
10% من كلمات غير معروفة المصدر (لغات شعوب مر بها اليهو د فأدخلوها على لغتهم المصطنعة).

-الصلة بين العبرية واللغات الهندية

1.تشابهات لغوية مدهشة:

2.نظام تصريف الأفعال المشابه للسانسكريت

3.تشابه في الضمائر الشخصية

4.كلمات مشتركة مع لغات الغجر (الرومانية)


-دراسة (2013) في Nature تظهر:

90% من يهود الأشكناز لديهم جينات أوروبية

30% من يهود الشرق لديهم جينات غير معروفة (قد يكون نتيجة اصل غير معروف او الزنا مع الاغراب و هذه عادة الغجر).

تشابه بنسبة 80% بين بعض الجماعات اليهو دية والغجرية.

-هناك تشابهات أنثروبولوجية ولغوية بين بعض الجماعات اليهو دية والغجرية.

وقد قارنتُ شخصيًا بين بعض السمات الثقافية واللغوية لليهو د، وبين مجموعات معينة من الغجر، ولاحظت أوجه تشابه ملفتة في البنية الاجتماعية، والطقوس المغلقة، وازدواج الهوية الثقافية.


وجدير بالذكر أن الغجر ليسوا شعبًا واحدًا أو كتلة متجانسة، بل هناك تنويعات ومجموعات مختلفة، مثل الغجر التقليديين في أوروبا الشرقية، و"النور" القادمون من نورستان، و"القرش" وغيرهم، ولكل منهم لهجة ولهوية ثقافية فرعية، لكن يربطهم أصل هندي بعيد، وفق دراسات أنثروبولوجية ولغوية معاصرة.

بالتالي، لا يمكن تجاهل احتمالية أن "اليهو د الأشكناز"، أو نسبة منهم، ليسوا ساميين (حسب الزعم اليهو دي)، بل ينتمون إلى مزيج إثني هندي-قوقازي تَحوَّل لاحقًا إلى هوية دينية مصنّعة، ترتكز على سردية توراتية مشكوك في تاريخيتها.

ملاحظات :
نشأت اللغة العبرية الحديثة في القرن التاسع عشر على يد إليعازر بن يهو دا، وهي لغة "مُنشأة" وليست "موروثة".

"اليديش" هي أقرب للغات الجرمانية منها إلى أية لغة سامية.

دراسات جينية حديثة تشير إلى تنوع جيني كبير بين اليهو د، وبعض الدراسات تربطهم بأصول قوقازية أو خزرية و هندية.

الملخص (Abstract)

يسعى هذا البحث إلى دراسة الفرضية القائلة بأن اليهو د ليسوا شعبًا ذا أصل عرقي موحّد، بل هم امتداد لمجموعات غجرية ترحّلت عبر القارات واكتسبت عناصر دينية وثقافية من حضارات مختلفة. ويستند التحليل إلى المقارنات الطبوغرافية، والأنثروبولوجية، والدينية، والسلوكية، عبر منهج تحليلي مقارن يُقارن بين اليهو د والغجر في العادات، والتقاليد، والرموز، والبنية العقائدية. ويخلص البحث إلى أن العديد من أساطير اليهو دية مقتبسة من ديانات الشرق القديم، وبخاصة الهندوسية والمصرية والآشورية و الرومانية و اليونانية.

تُثير مسألة أصل اليهو د التاريخي تساؤلات حاسمة في علم الأجناس، لا سيما مع تزايد الاكتشافات الجينية التي تفنّد الرواية التوراتية حول "الشعب المختار". وعلى الرغم من أن السردية اليهو دية الرسمية تربط نشأتهم بإبراهيم القادم من أور الكلدانيين، فإن مقاربات متعددة بدأت تُشكّك في هذا الطرح، مُشيرة إلى أن اليهو د، كما يُعرفون اليوم، هم نتاج تمازج بين قبائل رحّالة من الغجر.
في هذا البحث نطرح فرضية أن اليهو د هم في الأصل جماعة غجرية ذات ممارسات روحية وسلوكية مشابهة، استمدت عقائدها تدريجيًا من ديانات محلية مرت بها أثناء ترحالها، ثم دوّنتها في شكل أساطير دينية وادّعت أصولًا نبوية لها.

اعتمد البحث على منهج مقارنة ثقافية – دينية، بالاستناد إلى دراسات جينية (مثل دراسة ليفي وآخرين 2010، حول أصول السفارديم والأشكناز)، وأعمال في الأنثروبولوجيا الدينية (مثل كتاب "القبائل المفقودة" لـ كيث بلك)، بالإضافة إلى تحليلات نصوص التوراة، التلمود، وأساطير الهند القديمة، مع مقارنات سلوكية اجتماعية بين مجتمع الغجر واليهود في أوروبا الشرقية.

المتن والتحليل
يُقسم إلى محاور:

المحور الأول: البنية العقائدية بين الغجر واليهود
كِلا المجموعتين تُعظّمان الذهب، وتربطانه بالروح الإلهية (مثال: العجل الذهبي في سفر الخروج / والزينة الذهبية الغجرية في شعائر التطهير).
(لذلك حول اليهو د بعد سيطرتهم على الاقتصاد العالمي الذهب كمعيار لصك العملات مع العلم بأن المعادن الاخرى اكثر قيمة و اهمية و استعمالاَ من الذهب).
إيمان بالانغلاق الطائفي: لا تبشير ولا زواج مختلط.

العيش في جماعات مغلقة (جيتوهات).

تقديس الأرواح، والتقمّص، وتحول الإله إلى طاقة مزدوجة (ذكورية/أنثوية) يشبه معتقدات براهما ويهوه.

مقارنة نصية:

"الله خلق الإنسان على صورته" (سفر التكوين) مقابل "الروح تعود إلى البراهمان" في كتابات الـأوبانيشاد.

المحور الثاني: الجغرافيا والانتشار
وجود جبل موريا في القدس، وموريا في الهند، مع تشابه أسماء أور، أورشليم، وبراهما/إبراهام.

الغجر انطلقوا من شمال الهند وانتشروا غربًا، كما تزعم التوراة أن اليهو د جاؤوا من أور (قرب الهند).

الترحال اليهو دي والغجري يخضع لقواعد طقسية غامضة (نفي، خروج، لعنة، شعب مختار...).

المحور الثالث: السرقات النصية والأساطير المقتبسة
سفر المزامير شبيه بأناشيد إخناتون.

نشيد الإنشاد يتشابه مع ترانيم عشتار وأدونيس.

قصة موسى تحمل طابع فرعوني قديم (اسم "موسى" مشتق من أسماء الفراعنة: تحتمس، رمسيس).

دانيال لا يوجد له أي دليل أثري أو إشاري في وثائق بابل أو آشور.

المحور الرابع: الترويج العقائدي للغجرية عبر اليهو دية الحديثة
الجمعيات السرية التي أسّستها شخصيات يهو دية مثل هيلينا بلافاتسكي (جمعية الحكمة الإلهية).

تأسيس حركة "لوسيفر تراست" المرتبطة بتأليه الشيطان/يهوه.

تغلغل هذه الأفكار في الديانات الحديثة، والسينما، والكرتون الغربي (أفلام ديزني، ماتريكس، وغيرها).

الخاتمة
تؤكد المعطيات المطروحة أن اليهو دية، كما نعرفها اليوم، ليست ديانة قائمة على وحي أو تراث قومي متماسك، بل تجميع أسطوري لمسارات غجرية وترحال ثقافي اقتبست ما يناسبها من حضارات الشرق القديم. كما أن الأسماء، الرموز، والقصص التوراتية تفتقر إلى أي دليل أثري حقيقي، ما يعزز فرضية أنها ديانة مصطنعة لتبرير مشاريع استعمارية دينية لاحقة كحكاية مملكة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات فقط لليهو د.
وتُعدّ فرضية الأصل الغجري لليهود إطارًا جديدًا يجب على الباحثين في الأنثروبولوجيا والتاريخ الديني دراسته بعمق.

المراجع
Arthur Koestler, The Thirteenth Tribe, 1976.

Shlomo Sand, The Invention of the Jewish People, 2008.

Helena Blavatsky, The Secret Doctrine, 1888.

Kevin MacDonald, A People That Shall Dwell Alone, 1994.

Genetic study in Nature Communications, "The missing link of Jewish European ancestry," 2013.

دراسات في الأساطير الشرقية: أناشيد إخناتون، كتابات الأوبانيشاد، ملحمة جلجامش.


تعليقات

المشاركات الشائعة