"التطبيع: من المعنى اللغوي إلى الأبعاد السياسية"
"التطبيع: من المعنى اللغوي إلى الأبعاد السياسية"
في في العقود الأخيرة و بالاخص في فترة السبعينيات من القرن الماضي ظهر مصطلح التطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
فماهي هي كلمة تطبيع و ماذا تعني؟
مقدمة: تعتبر كلمة "التطبيع" من المصطلحات التي اكتسبت زخمًا كبيرًا في الخطاب السياسي والدبلوماسي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ورغم بساطتها اللغوية الظاهرة، إلا أنها تحمل في طياتها أبعادًا معقدة وتفسيرات متعددة تختلف باختلاف السياقات والأطراف الفاعلة. يهدف هذا البحث الصحفي الأكاديمي إلى تفكيك مفهوم "التطبيع"، بدءًا من معناه اللغوي العام، وصولاً إلى دلالاته السياسية والدولية، مع التركيز على آثاره وانعكاساته في العلاقات بين الدول والمجتمعات.
مفهوم التطبيع - دلالاته اللغوية والسياسية والدولية
كا معنى كلمة "تطبيع" تعني جعل الشيء طبيعيًا أو عاديًا بعد أن كان غير ذلك. يعني شيئ غير طبيعي, شاذ, منحرف, غير مقبول او شيئ خارج عن القوانين و الاعراف تجعله طبيعي.
مثال: "تطبيع العلاقات بين دولتين متخاصمتين" يعني الانتقال من حالة العداء أو عدم التواصل إلى حالة من التعامل الطبيعي في مختلف المجالات.
يستخدم هذا المصطلح بشكل خاص في سياق الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث يشير "التطبيع" إلى إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.
في هذا السياق، فـ"التطبيع مع إسرائيل" يعني:
محاولة جعل العلاقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي علاقة طبيعية رغم استمرار الاحتلال والاستيطان والتمييز ضد الفلسطينيين.
و في السياقات السياسية والدولية، تُستخدم كلمة "تطبيع" بشكل شائع للإشارة إلى إقامة علاقات طبيعية وعلنية بين طرفين (عادة دولتين) بعد فترة من العداء أو عدم الاعتراف أو القطيعة.
مثال: زعيم عصابة, افراد عصابته بدأوا يتركونه بعد ان اصبح لديهم الاموال الكافية لبدء حياة جديدة نظيفة. زعيم العصابة مدمن على القت, السرقة, النهب و الاغتصاب. لذلك اخترع دين يحلل السرقة و القتل و الاغتصاب بحجة انها اوامر ربانية و من يقوم بها يأخذ حسنات و بركات و سخلد في الجنة بعد موته. و هكذا ضمن بقاء افراد عصابته تحت سطوته.
و هذا ما حصل و يحصل في الوطن العربي و قبله في اوروبا على يد الصهيوني المتخفي مارتن لوثر الذي جعل من طاعة اليهو د واجب ديني, كذلك الامر فعل الشيوعيين الصهانة في روسيا و اوروبا الشرقية.
و الآن يجري هذا في الوطن العربي على يد حكام العرب الجواسيس.
التطبيع العربي مع إسرائيل: الجذور، المحطات، والآثار;
أولًا: الجذور التاريخية للتطبيع العربي مع إسرائيل
1. ما قبل 1948: اتصالات سرية محدودة
قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، جرت اتصالات غير رسمية بين بعض الزعامات العربية والوكالة اليهودية في فلسطين، وخصوصًا بين الملك عبد الله الأول (ملك شرق الأردن آنذاك) والصهاينة، بهدف الوصول إلى تسويات لتقاسم فلسطين بعد انسحاب البريطانيين.
2. ما بعد النكبة (1948): صدمة وقطيعة
أدت نكبة 1948 وتهجير نحو 750 ألف فلسطيني إلى موقف شعبي ورسمي عربي رافض لأي تعامل مع إسرائيل.
تأسست جامعة الدول العربية على أساس دعم فلسطين، وتبنّت مبدأ "اللاءات الثلاث" لاحقًا: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض.
ثانيًا: أبرز محطات التطبيع الرسمي
1. كامب ديفيد (1978-1979) – مصر
أول اتفاقية سلام بين دولة عربية وإسرائيل، وُقّعت برعاية أمريكية بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن.
2. اتفاق أوسلو (1993) – منظمة التحرير الفلسطينية
تم التوقيع عليه بين ياسر عرفات (منظمة التحرير) وإسحق رابين (إسرائيل) برعاية أمريكية.
3.اتفاقيات إبراهام (2020) – موجة تطبيع غير مسبوقة
وقعتها الإمارات والبحرين لاحقًا، ثم لحقت بهما السودان والمغرب.
ماذا يشمل التطبيع؟
-يشمل عدةً مجالات واسعة مثل:
-العلاقات الدبلوماسية: تبادل السفراء والقنصليات.
-العلاقات الاقتصادية: التجارة والاستثمار والتعاون الاقتصادي. فتح أسواق الدول العربية للبضائع الاسرائيلية.
-العلاقات الثقافية: التبادل الثقافي والفني. عدم إظهار الصهاينة في الاعلام و المسلسلات و الافلام على انهم اعداء بل مساكين و بسطاء.
-العلاقات الشعبية: السماح بالسفر والتواصل بين شعوب الدولتين.
-التعاون الأمني والعسكري: تبادل المعلومات والتعاون في قضايا الأمن "ما يسمى بمكافحة الارهاب الذي في باطنه هو قمع الشعوب"
-تدريس الهولوكوست ,التوراة و التلمود في المدارس و للجامعات و المعاهد الدينية "كما كان ينوي فعله الرئيس السادات و زوجته, الرئيس زين العابدين بن علي و ملك المغرب الحسن الثاني "يعني اختراق العقل العربي عبر التعليم والإعلام والترفيه".
-حذف الايات الدينية التي تدعوا للجهاد و مقاومة الاحتلال"فقط من طرف العرب و المسلمين, بينما في الجانب الآخر اي الصهاينة فيبقون على تعاليمهم و كتبهم الدينية"
- اجبار المواطنن العرب على التطبيع الشعبي و الاجتماعي يعني "خلق تقبل شعبي لفكرة إسرائيل كدولة طبيعية".
كيف يُروَّج للتطبيع؟
- من خلال الخطاب الإعلامي.
-التركيز على المصالح المشتركة و"الخطر الإيراني".
-إبراز قصص "التعايش" والتكنولوجيا الإسرائيلية.
-الاختراق الأكاديمي والفني
-مؤتمرات مشتركة، دعوات لحوارات ثقافية.
-أفلام ومسلسلات تسوّق لـ"العدو السابق كصديق محتمل".
-شيطنة الرافضين للتطبيع و تصويرهم على انهم رجعيين ، "إرهابيين"، أو ظلاميين ينتمون الى حقبة الخمسينات و الستينات من القرن الماضي.
المؤيدون للتطبيع "الخونة و الجواسيس" يرونه:
-وسيلة لإنهاء الصراع وتحقيق السلام.
-فرصة لتحقيق مصالح اقتصادية أو استراتيجية.
-ضرورة فرضتها الظروف الجيوسياسية الجديدة.
المعارضون للتطبيع "الشرفاء و الوطنيين" يعتبرونه:
خيانة للقضية الفلسطينية وتفريطًا بحقوق الشعب العربي و بالاخص الفلسطيني.
-شرعنة للاحتلال ومنحه غطاءً سياسيًا وأخلاقيًا.
-عبودية مقنعة للصهاينة.
-لا يمكن إقامة "سلام طبيعي" مع كيان يمارس الفصل العنصري (أبارتايد) والتهجير القسري.
هل التطبيع عملية طبيعية أم قسرية؟
في الظروف الطبيعية، يتم التطبيع بعد:
-انتهاء الاحتلال و عودة المحتلين "اليهود" الى بلدانهم التي اتوا منها.
-إحقاق العدالة.
-إعادة الحقوق الى اصحابها الاصليين اي الفلسطينيين.
-اقامة دولة فلسطين من النهر الى البحر فقط للعرب مسلمين و مسيحيين.
-محاكمة كل مجرمي الحرب الذين ارتكبوا مجازر, إبادة جماعية و جرائم ضد الانسنية بحق العب العربي عموماَ و بحق الشعب الفلسطيني, اللبناني, المصري, السوري و الاردني.
خاتمة:
إن "التطبيع" ليس مجرد مصطلح لغوي، بل هو موقف سياسي وثقافي له تبعات خطيرة على الوعي الجمعي العربي.
ففي الوقت الذي تُرفع فيه شعارات "السلام"، يتم تغييب الواقع: أرض محتلة، شعب مقموع، وعدو يُغسَل وجهه بالابتسامات الدبلوماسية.
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام ضمير الأمة:
هل يمكن أن يكون السلام "طبيعيًا" في ظل الظلم؟ وهل يكون التطبيع إلا خضوعًا مقنعًا؟
خلاصة: التطبيع مع الصهاينة خيانة للأمة العربية والإسلامية و المسيحية
مراجع ومصادر:
إدوارد سعيد – "قضية فلسطين"
جوزيف مسعد – "الإسلام في الليبرالية"
دراسة المركز العربي للأبحاث – التطبيع مع إسرائيل (2020)
تقارير BDS – حركة مقاطعة إسرائيل
أخبار ومواقف جامعة الدول العربية عن التطبيع
تعليقات